جلاجل في معجم اليمامة

معجم اليمامة .. تأليف الشيخ عبدالله بن محمد بن خميس

الطبعة الثانية 1400هـ

الجزء الأول - ص. 273-276


جُلاجِل

بضم الجيم الأولى ، وكسر الثانية ، من الحركة المشابهة جلجل من الجلجلة ، وقلقل من القلقلة ، وقرقر من القرقرة .. وهي من أبنية التكثير والمبالغة قاله ابن الأعرابي .

قلت : و ( وادي جلاجل ) المعروف هو وادي المياه ، فلعل جلجلة الماء به جعته يسمى بذلك ، وهذه البنية تطلق على علمين : أحدهما نقاً من أنقية الدهناء وذكره ذو الرمة في شعره ، قال 

وبين النقا ءأنت أم أم سالم أيا ظبية الوعساء بين جلاجل 

وأنا لا أعرف الآن نقاً في الدهناء يطلق عليه هذا الاسم .. ولا أشك أنه قد اندرس اسمه فيما اندرس من أسماء الأعلام .

وأما الثاني فهو بلد مشهور من بلدان ( سُدَيْر ) كان قديماً لبني عوف بن مالك بن جندب من بني العنبر من تميم ذكره في ( بلاد العرب ) ، إلا أنه قال في مكان آخر : ( .. ثم بطن الحريم ، وهو واد لبلعنبر بالفقءِ ثم زلفة وهي أيضاً لهم ولهم جُلاجِل .. )

قلت : و ( جلاجل ) ليست بالفقء ، وإنما هي في وادٍ يلب يه ولا يلتقي معه ، ، هو ( وادي المياه ) .

وقد أعيدت عمارة جُلاجَل في مكانها الآن وبوضعها عام ( 700هـ ) .

ولجلاجل هذه ذكر في تاريخ ( نجد ) .

ففي سنة ( 1069هـ ) زحف الشريف زيد بن محسن على نجد ونزل بين ( جلاجل ) و ( التويم ) وأجرى اجراءات هناك .. .

وفي سنة ( 1084هـ ) جرت وقعة بين أهل ( جلاجل ) و ( التويم ) ، وقتل فيها رئيس بلد التويم ( محمد بن زامل بن مدلج ) ، ورئيس بلد جلاجل ( ( سليمان بن حماد الدوسري ) .

وفي سنة ( 1109هـ ) زحف الشريف سعد بن زيد ونزل ( قري جلاجل ) واعتقل ماضي بن جاسر أمير الروضة .

وفي حوادث سنة ( 1117هـ ) وقعت مناوشات حربية بين بعض ( أهل سدير ) و ( أهل جلاجل ) من جهة ، و ( أهل روضة سدير ) من جهة أخرى ، قتل فيها ( محمد بن إبراهيم ) رئيس جلاجل و أخوه تركي ، وانتقلت إمارة جلاجل إلى عبدالله بن محمد بن إبراهيم .

وفي حوادث سنة ( 1135هـ ) احتل ( محمد بن عبدالله الدوسري ) رئيس بلد ( جلاجل ) ( روضة سدير ) ، وكان بها ثلاثة أحياء قد دمرت فبناها وأعاد أهلها إليها ، وهم ( آل أبي هلال ) و ( آل أبي سليمان ) و ( آل أبي سعيد ) .

وفي حوادث سنة ( 1142هـ ) تحالف كل من أهل جلاجل و( شهيل بن سويط ) رئيس الظفير و ( عبدالله بن حمد بن فواز المدلجي ) رئيس بلد التويم سابقاً .. تحالف هؤلاء ضد ( مُفيَز ) بن حسين بن مفيز ابن زامل ، وكان قد غلب عبدالله بن حمد حليف هؤلاء على إمارة التويم .. فلما قام هؤلاء بحملة ضد مفيز هرب من التويم واحتلوا البلدة ونهبوا ما نهبوا منها ، وعاد عبدالله إلى إمارة التويم .

وفي حوادث سنة ( 0239هـ ) أغار أهل روضة سدير على جلاجل ، فتنبه بهم أهل جلاجل وصارت بينهم مقتلة ، قتل بها من أهل الروضة واحد وعشرون رجلاً ، منهم إبراهيم بن ماضي ، ومحمد بن ناصر بن عشري ، وقتل من أهل جلاجل ستة رجال .

وفي حوادث سنة ( 1170هـ ) تجهز عبدالعزيز بن محمد بن سعود بجيش هاجم به أهالي جلاجل في موقع يقال له ( العَميْرِي ) شمال بلد جلاجل ، انسحب بعدها عبدالعزيز إلى جهات أخرى من سدير .

وفي عام ( 1177هـ ) هاجم عبدالعزيز بن محمد بن سعود أيضاً جلاجل وحاصرها وقتل من أهلها نحواً من عشرة رجال ، كما قتل من جيش عبدالعزيز عدة رجال منهم : ( فرحان التمامي ) ، و ( صالح بن محمد ) .. فطلب منه ( سويد أمير جلاجل ) وأهالي سدير العفو عن أهل جلاجل ومن ناوأه من أهل سدير فصالحهم على شروطه وعاد .

وفي سنة ( 1180هـ ) أشيع بدى الدرعية أن أهالي جلاجل كانوا يفكرون في العصيان ومناوأة الدرعية ، فأرسلت إليهم تنذرهم مغبة العصيان والخروج على ولاة الأمر ، فبادر ( سويد ) أمير جلاجل بالذهاب إلى الدرعية لنفي ما أشيع ةتكذيب النبأ ، وقد قاد معه خمساً من أصائل الخيل هدية لحاكم الدرعية .

وكان لسويد صاحب جلاجل دورٌ كبير في أحداث ذلك الزمان تارة مع الدرعية وتارة عليها ‘ إلى أن أثبت موقفاً جلياً فدائياً أيام هُوجمت الدرعية من قبل محمد علي وأعوانه .

وقد أنجبت ( جلاجل ) علماء ، نذكر منهم : ( الشيخ علي بن زيد ) ، و( الشيخ سليمان بن جمهور ) ، والشيخ ( إبراهيم بن فايز ) ، و ( الشيخ أحمد بن عبدالعزيز بن سلمان ) و ( الشيخ عبدالعزيز بن سلمان ) ، و ( الشيخ محمد بن الأمير ) ، و  ( الشيخ إبراهيم بن واصل ) ، و ( الشيخ عبدالعزيز بن سعيد ) ، و ( الشيخ محمد بن سليمان ) ، و ( الأستاذ عبدالله بن غانم ) ، وأعلاماً من الحدبان وآل سويد ومن أسر أهل جلاجل ورجالهم رجال خيرٍ وفضلٍ ونبل .

ومن جلاجل الشاعر الشعبي المعروف ( محمد بن عشبان ) ، له قصائد شعبية مشهورة .

وبلد جلاجل أحياؤها متباعدة نوعاً ما ، فهي كما يلي : ( الشمالية ) ، و ( العلاوة ) ، و ( والجزيع ) ، و ( الحويطة العليا ) ، و ( والحويطة السفلى ) ، و ( الخليفي ) ، و ( قري السويد ) ، و ( قري السعيد ) .

ويجتمع في ( وادي جلاجل ) روافد كبيرة من أهمها : ( الجزر ) ، و ( السويق ) ، و ( البويطن ) ، و ( الحويش ) ، و ( السماري ) ، و ( والسلم وروافده ) ، و ( والنخل ) ، و ( عنقود ) ، و ( القعيّر ) . وكل من هذه الشعاب له روافد وبه مسميات وبعضها به مياه .

ولقد أقيم أخيراً فوق ( جلاجل ) سدٌ محكم جعل يختزن كميات كبيرة من المياه ، وسوف تساعد على تطور هذه البلدة وازدهارها زراعياً وعمرانياً إن شاء الله .

و( أم عنيق ) رأس بارز فوق جبل فارد يطل على ( جلاجل ) من الناحية الجنوبية الشرقية ، كأنها عنق ، ولذا سميّت ( أم عنيق ) ، وقد أشار إليها الشاعر الشعبي الجهير حميدان الشويعر بقوله :

فما في مصافاته عليك هزوع فوراك ما صافيت راعي جلاجل
ويمناه تبذر بالجميل زروع يسراه ما تبذر من الشر حبه 
جريبهم ما يهتني بهجوع إن زالت ( أم عنيق ) يبقى آل عامر 

وفي سنة ( 1397هـ ) كانت مدرسة البنات في ( جلاجل ) تحتل داراً قديمة تُنذِرُ بالسقوط ، فصبرت على التسويف والمماطلة من قِبَلِ من يهمهم الأمر في تعليم البنات ووزارة المال ... إلا أنه أدركها السقوط قبل أن يدرك هؤلاء الشعور بالمسؤلية ، فكان ضحيتها سبع عشرة بنتاً .

كارثة هزت المجتمع وأبكته ، وحركت الشعر فاستجاب لها من الشعراء الدكتور غازي القصيبي ، والأستاذ عثمان بن سيّار ، وصاحب هذا المعجم ، وكان مطلع قصيدته :

فُرادى إلى دار الحَمام وتوأما بكرن يبادرن القضاء المحتما
وعدن بمسوح الأهاب معندما تقمصن زي العلم أفواف سندس
وقطف الخطى إما تبارين كالدمى شوادن أمثال الزهور نضارةً

 

انتهى كلام المؤلف عن جلاجل .